Skip to main content

توتر العلاقات الصومالية الإماراتية...أين تكمن المشكلة؟!

هناك مبدأ اساسي يحكم العلاقات بين الدول وهو "الإحترام المتبادل" وطبقا لمقتضى هذا المبدأ فان الدول ذات السيادة- بغض النظر عن عن إختلاف أشكالها ومقوماتها الأساسية- متكافئة ومتساوية في الحقوق والواجبات، وتقيم علاقتها الدولية على مبدأ الندية والتكافؤ. وعلى هذا الأساس فان أي انتقاص في حق دولة لأخرى،  أياً كان هذا الإنتقاص سواء أخذ في شكل المساس بالسيادة الوطنية أو توجيه إهانات للطرف الند أو حتي الاستخفاف به، يعتبر إهدار لكرامتها وإنتهاكا لحقوقها القانونية.  
وفيما يتعلق بأزمة العلاقة بين الصومال و الإمارات العربية المتحدة، فان جذور هذه الأزمة  التي برزت مع ظهور الأزمة الخليجية وإتخاذ الصومال موقف حيادي فيما شجر بين أشقائها.
وتصاعدت وتيرة الأزمة إثر ممارسة دولة الإمارات العربية المتحدة الضغط على الحكومة الإتحادية، عبر إستقطاب رؤساء الولايات وتأليبهم ضدها لإجبارها من تغيير موفقها المحايد- وهذه الخطوة منيت بالفشل إذ ان موقف الحكومة الإتحادية بات أكثر صلابة وتماسكا- ثم توقيع إتفاقية مع حكومة أرض الصومال  (غير المعترف بها) لتشغيل ميناء بربرة دون الرجوع الى الحكومة الإتحادية وهو ما أدى الى إعتبار الأخيرة لتلك الإتفاقية لاغية وغير قانونية وبالتالي منع شركة مؤاني دبي من العمل في الصومال، وصولا الى إحتحاز سلطات أمن مطار مقديشو الدولي طائرة مدنية تابعة لدولة الإمارات في يوم الأحد الموافق ٨/٤/٢٠١٨م  وعلى متنها مبالغ مالية تقدر حوالي عشرة ملايين دولار.
ولم تكن السلطات الأمنية الصومالية على علم بمصدر تلك الأموال والجهة التي تتوجه اليها، الإ أن دولة الإمارات العربية المتحدة أعربت إستنكارها وإستهجانها الشديدين لما قامت عليه السلطات الأمنية الصومالية، وأعتبرته تجاوز والتفاف على  بنود إتفاقية التعاون العسكري المبرمة بين البلدين في نوفمبر ٢٠١٤م بحسب بيان صحفي لوزارة خارجيتها ، وأشارت ان تلك الأموال كانت مخصصة لدعم الجيش الصومالي الذي تدربه الإمارات بموجب تلك الإتفاقية، وهو ما ردت عليه الحكومة الصومالية بانهاء برنامج التدريب الإماراتي، غير أن الحكومة الصومالية لم تصدر أي بيان-حتي اللحظة- ينفى أو يؤكد لما تزعمه  الإمارات لإخلال الحكومة

الصومالية باحكام مذكرة  التفاهم المشار اليها. 

وفي خطوة مماثلة قامت سلطات أمن مطار بوصاصو بولاية بونتلاند منع طائرة إماراتية من المغادرة عندما رفض المدربين الإماراتيين تفتيش حقائبهم، كما قامت السلطات بمصادرة معدات عسكرية كانت بحوزتهم أثناء جروجهم لأنها أصبحت ملكا لولاية بونتلاند بحسب السلطات المحلية في نونتلاند، ويأتي ذلك بعد أيام قليلة قيام السلطات الأمنية في مطار مقديشو لإيقاف الطائرة الإماراتية. وهذا مؤشر غير إيجابي ويدل على مدى تأزم العلاقة بين الجانبين.

غير أن المشكلة الحقيقية بين الجانبين برأيي لا تكمن فقط في سلسلة التجاوزات الإماراتية وإرتكابها أخطاء جسيمة في تعاملها مع الحكومة الصومالية، وإنما في عدم إدراكها وفهمها للمنظومة السياسية الصومالية، ونعني من هذا أن القيادة السياسية في دولة الإمارات دأبت في تعاملها مع الساسة الصوماليين طيلة السنوات الماضية  وكأنهم مجرد حثالة وعبيد للمال وأن الصومال ليست دولة بل هي مجرد كانتونات يحكمها  المرتشون وعبيد المال. وهذه الصورة الذهنية الخاطئة  في مخلية الإمارتيين التى أفرزت الى سلوكيات فجة وتعاملات عنجهية غير لائقة في حق شعب وبلد معروف بعزة النفس والإباء،إصتطدمت جدران كبرياء هذا الشعب وهذا البلد العريق. 

إن العلاقات الصومالية الإماراتية كانت علاقات تأريخية أخوية تميزت بالتقدير والاحترام المتبادل منذ نشأتها خاصة في ظل العلاقات الأخوية الوطيدة التي كانت تجمع بين الراحل محمد سياد بري ومؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد آل نهيان رحمهما الله، ما انعكس إيجابيا على مجمل العلاقات الثنائية في مساراتها الرسمية على المستوى السياسي والاقتصادي، وفي مسارها الأهلي على المستويات الثقافية والاجتماعية والتجارية، غير أن من أهم ما يميز العلاقات السياسية بين البلدين قدرتها على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما وتطويرها في إطار تحكمه أهداف مشتركة. ونحن اليوم نأمل من القيادة السياسية في البلدين الشقيقين العمل سوية لحل الخلافات  
بالطرق السلمية والدبلوماسية

 آدم ا. حسين
كاتب وباحث في العلاقات الدولية











Comments

Popular posts from this blog

معضلة السياسة الخارجيه الصومالية

  تواجه السياسة الخارجية الصومالية معضلات كبيرة، تتمثل في انتشال صورة البلد المشوهة من أنقاض “الصوملة” “والدولة الفاشلة” التي التصقت اسم الصومال طوال العقود الثلاثة الماضية، وتكريس جهودها في محاولة تغيير تلك الصورة النمطية، بالإضافة إلى استعادة مكانتها الإقليمية والدولية وحضورها في الساحة العالمية؛ حيث إن غياب الصومال عن الساحة الدولية والإقليمية، بفعل الظروف السياسية الصعبة التي مر بها طوال العقود الثلاثة الماضية، والتي شهدت فيها المنطقة تغيرات كبيرة على المستويين السياسي والديموغرافي، أدت إلى اختلال التوازن في ميزان القوة في المنطقة. علاوة على التحديات التي تفرضها البيئة الداخلية من ضبابية الأوضاع السياسية المتدهورة وانعكاساتها على الأداء السياسي الخارجي للصومال، إلى جانب التحديات التي تفرضها البيئة الخارجية، لاسيما فيما يتعلق بضمان استمرار الدعم الأممي لإنجاح العملية السياسية الصومالية وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، مما يتطلب إلى بناء الثقة بين النظام السياسي والدول المانحة، وهذه المسئولية تقع على عاتق الوزارة الخارجية الصومالية. الأزمة الخليجية وقد وجدت السياسة الخارجية الصوم...

Jamhuuriyadda Dabangaalaha iyo Dameerka.

"Quraanjo aruurtay mulac waa jiidaa" oraah fac-weyn  ayaa tiri. Dhaxalka murtiyeed ee ay oraahdani inagu gardaadineyso, inoona  meerineyso ayaa ah, kuwa taagta-daran haddi ay isu tagaan, isuna min-guurshaan awoodohooda waxa ay noqon karaan cudud anan la loodin karin.

Maxay tahay raadka Sharciyeed ee ka dhalanaya kali-Is-Doorashada Axmed Madoobe?

  Maalinta khamista ah ee soo socota; marna la mid ma noqoneyso kuwii  sanadihii 2013 iyo 2015kii, oo Laba mar  oo hore Sh Axmed Islam uu si iskii ah isugu caaleemo saaray magaala xeebedka Kismaayo madaxweynaha Dawladda Jubbaland!. Labada goorood, oo ay Axmed kaalmeysay duruufo iyo xaalado siyaasadeed oo dalka ka jiray; kuwaasi oo haatan ay sua'al ka tagaantahay in ay sidoodii yihiin iyo in kale.  Waxaan qormadaan ugu kuurgelayna xaaladda jubbooyinka ka tagan.  Yaa dhisay Jubbaland?  Jubbaland waa magaca siyasaded ee haatan dad badan u yaqaanan Gobalada Gedo & labada Jubbo, magacbixinta iyo dhismaha maamul goboleedkani; marna ma ahayn mid lagu heshiiyay. Wuxuu ku dhashay kuna hana qaaday kedis uu gadaal-socday culeys iyo faragelin shisheeye.  Si kooban maamulkani aya  sidii roobala-dhaca mar qura dhashay kadib soo gellitaankii ciidamada XD-Kenya oo dabayaqaadii 2011 kii soo galay qeyba badan oo kamid ah deeganada jubbooyink...