Skip to main content

معركة كسر العظام لكسب "ورقة شريحة الشباب"

من الطبيعي جدا ان تظهر الممحاكات والمجاكرات السياسية في المسرح السياسي الصومالي في وقت قياسي جدا، خاصة وبعد إنتهاء فترة شهر العسل لكل إدارة جديدة، وهذه إحدى مظاهر المناخ السياسي السيئ والمتقلب الذي لم يتغير قرابة العقدين الماضيين. فصراع النسق السياسية الصومالية كان اشبه بقواعد لعبة "الثور الهائج" بحيث أن إفتعال المشاكل أو بالإحرى الإستفزاز المتعمد برفع الخرقة الحمراء في وجه "الثور الغاضب" ضرورية لإستمرار مثل هذا النوع من الألعاب. فغياب أساسيات قواعد اللعبة السياسية المتبعة لدى النخب السياسية في جميع انحاء العالم عن الحالة الصومالية، هو ما قد يدفع المتابع بالشأن الصومالي الى الأخذ ربما نموذج "الثور الثور الهائج"  لفهم متغيرات طبيعة السياسية الصومالية، فلربما هو الإقتراب الأمثل لتحليل هذه الظاهرة المعقدة.
لنعد قليلا الى الموضوع. فقد بدأت وتيرة المناكفات السياسية تزداد في الأيام القليلة الماضية، حيث انتقلت من قالبها التقليدي الى طابع اكثر تنافسي في ما يتعلق بمحاولة إستخدام تكتيكات جديدة من جانب المعارضة  للفوز بالورقة الرابحة للنظام، وهي ورقة شريحة الشباب.وهنا يأتي التساؤل حول الأهمية السياسية لهذه الورقه بالنسة للنظام الحالي.؟!
 بالتأكيد يفهم الجناح المعارض، وإن لم تتضح معالمه بعد، أن شريحة الشباب يعتبر إحدى أهم نقاط القوة بالنسبة للنظام الجديد، ومن أهم العوامل التى ساهمت بشكل كبير للترويح للرئيس الحالي لنيله على الشرعية الشعبية أثناء الحملة الإنتخابية، حيث نجح هؤلاء الشباب في منصات التواصل الإجتماعي برسم صورة الرئيس الحالي في أذهان الجمهور كبطل قومي ومخلص لكل مشاكل البلد، وآتت هده  فوز  الدعاية أكلها فوز فخامته في الإنتخابات التي جرت فبراير الماضي بحصوله على الترحيب الشعبي الواسع الذي لم يخطي به رئيس قبله منذ إنهيار الدوله.
وقد هيأ هذا التأييد الشعبي للقيادة السياسية الجديدة المناخ السياسي الملائم لأخذ زمام الأمور وتوطيد أركان الحكم؛ غير ان الواقع يثبت ان تلك الفرصة لم تستغل بشكل أمثل، فالحماس الشبعي لن يدوم طويلا إذا لم يتم تغذيته بافكار "جديده"  ووفق المشروع السياسي الذي جاء به النظام الجديد مثلا؛ وإستغلال الطاقات الشعبية المشحونه وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف السياسية المرسومه، وعلى رأي المثل "دق الحديد وهو حامي"
 من ناحية ثانية؛ كان من المتوقع جدا ان القيادة الحالية وبحكم قربها من نبض الشارع ستكسر الحاجز الذي كان يحول بين الدولة والشارع منذ امد بعيد، فالصورة النمطية الراسخة في مخلية المواطن العادي عن الدولة لم تتغيير، حيث يرى أنها مجرد "حثاله" وهذه حقيقة مره، وسينعكس أثرها السلبي على مستوى الفرد لتقييم الأداء السياسي للقيادة الحاليه،
هذه الفجوات والتخبط (blunder)وقد تركت لبعض السياسين الذين كانوا يتحيننون الفرصه لسحب البساط  تحت أرجل القياده السياسية الحاليه ثغرات يمكن من خلالها ممارسة الضغط عليهم وبالتالي إجبارها لرضوخ المطالب السياسية لتلك المجموعات.
 ففي الأسابيع القليلة الماضية شهدت العاصمة إجتماعات أجراها بعض السياسيين البارزين مع شريجه الشباب، وذلك بهدف محاولة كسب هذه الورقة من خلال إطلاق منصات حوار وعقد جلسات مع هذه الفئه العمرية والتي تحتل  أعلي نسبه في المجتمع الصومالي،  وإثارة برنامج ومواضيع تجذب أهتماماتهم وتمسهم بشكل خاص كتوعية الشباب من مخاطر الإرهاب وعدم الإنجرار بمشروعات وهمية و ان لا يخدع أو يستغل بهم من أجل تحقيق أغراض سياسية تحت شعارات براقه مثل "الوطنية الزائفه"! هذه الجزئية الأخيره بالذات لم تأتى بمحض الصدفه، فالكلام هذا ربما يعتبر رد فعل مضاد لكلام لفخامة الرئيس فرماجو، الذي كرر في مناسبات كثيره خاطب فيها الشباب وندبهم بحمل السلاح وان يهبوا لنجدة البلد! خاصة عقب مجزرة "زوبي" التي راح ضحيتها المئات من الأبرياء، وأمرهم بالتصدى لحركة الشباب التي باتت تكثف هجماتها الإنتحارية يوما بعد آخر على العاصمة مقديشو. وقد يكون الرئيس محقا في كلامه هذا، لأن الشباب في أي بلد هم أول من يلبي نداء الوطن وهم الساعد القوي الذي يذوذ عن حمي البلد متي ما تم تهيأة المناخ لهم ويتاح الفرصة أمامهم، للإنخراط في الأعمال الوطنية، والأهم من ذلك كله ان يتم إعدادهم إعدادا وطنيا صحيحا وغرس روح البسالة والإباء وحب الوطن في وجدانهم، حتي يكون ولاءهم للوطن وحده، وعلى القيادة السياسية ان تعي بهذا الشئ فالشباب لم يعد حكرا في أيديهم فقط يوجهون كيف يشاؤون  ومتي ما يشاؤون، إذ ان الشباب الصومالي اليوم بات واعيا أكثر من أي وقت مضى، ولكنهم أيضا للأسف الشديد لم يتحرروا كليا من قيود العصبية والمناطقية الضيقية فالإنسان إبن بيئته، ويحتاجون الي إعادة بناء شخصيتهم الوطنية وإنتمائهم القومي لكي يكونوا على قد المسؤوليات الوطنية.



على أي حال، السياسية هي قبل كل شيء "فن الممكن" وإحكام العقل وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة، ومزاولة هذه المهنه تتطلب توفر مجموعة من الخصال والخصائص المحددة وتحتاج الى فهم وإدارك عميقين، فالقواعد السياسية الناجحه تقوم على المساومات وانتهاج أسلوب الربح للجميع( Win-win approach)  وعلي جميع الأطراف السياسية، معارضين أو من هم في السلطه ان يفهموا جيدا ان أي معركة من شأنها الحصول على ورقة الشباب لتحقيق مآرب سياسية دون تقديم أدني شيئ لهؤلاء الشباب فهي بلاشك معركة خاسرة ورهان خاسر، فمشاكل الشباب الصومالي من البطالة، والإرهاب، والهجرة غير الشرعية التي يفقد فيها البلد كل يوم المئات من خيرة شبابه قي حلة قوارب الموت بحثا عن لقمة عيش كريمه ومؤى دافئ يقيهم من لهيب الإنفجارات ونار الحروب، تحتاح الى حلول عاجله وترشيد الدخل القومي وتخصيص ميزانية عامه لمواجهتها، لا ان يصبح الشباب بيادق في لعبة يلعبها مبتدؤون ويكون مصيرهم كمصير الجندي في لعبة الشطرنج.
آدم  أ. حسين:

كاتب ، ومدون وباحث في الشأن الصومالي



Comments

Popular posts from this blog

معضلة السياسة الخارجيه الصومالية

  تواجه السياسة الخارجية الصومالية معضلات كبيرة، تتمثل في انتشال صورة البلد المشوهة من أنقاض “الصوملة” “والدولة الفاشلة” التي التصقت اسم الصومال طوال العقود الثلاثة الماضية، وتكريس جهودها في محاولة تغيير تلك الصورة النمطية، بالإضافة إلى استعادة مكانتها الإقليمية والدولية وحضورها في الساحة العالمية؛ حيث إن غياب الصومال عن الساحة الدولية والإقليمية، بفعل الظروف السياسية الصعبة التي مر بها طوال العقود الثلاثة الماضية، والتي شهدت فيها المنطقة تغيرات كبيرة على المستويين السياسي والديموغرافي، أدت إلى اختلال التوازن في ميزان القوة في المنطقة. علاوة على التحديات التي تفرضها البيئة الداخلية من ضبابية الأوضاع السياسية المتدهورة وانعكاساتها على الأداء السياسي الخارجي للصومال، إلى جانب التحديات التي تفرضها البيئة الخارجية، لاسيما فيما يتعلق بضمان استمرار الدعم الأممي لإنجاح العملية السياسية الصومالية وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، مما يتطلب إلى بناء الثقة بين النظام السياسي والدول المانحة، وهذه المسئولية تقع على عاتق الوزارة الخارجية الصومالية. الأزمة الخليجية وقد وجدت السياسة الخارجية الصوم...

Jamhuuriyadda Dabangaalaha iyo Dameerka.

"Quraanjo aruurtay mulac waa jiidaa" oraah fac-weyn  ayaa tiri. Dhaxalka murtiyeed ee ay oraahdani inagu gardaadineyso, inoona  meerineyso ayaa ah, kuwa taagta-daran haddi ay isu tagaan, isuna min-guurshaan awoodohooda waxa ay noqon karaan cudud anan la loodin karin.

Maxay tahay raadka Sharciyeed ee ka dhalanaya kali-Is-Doorashada Axmed Madoobe?

  Maalinta khamista ah ee soo socota; marna la mid ma noqoneyso kuwii  sanadihii 2013 iyo 2015kii, oo Laba mar  oo hore Sh Axmed Islam uu si iskii ah isugu caaleemo saaray magaala xeebedka Kismaayo madaxweynaha Dawladda Jubbaland!. Labada goorood, oo ay Axmed kaalmeysay duruufo iyo xaalado siyaasadeed oo dalka ka jiray; kuwaasi oo haatan ay sua'al ka tagaantahay in ay sidoodii yihiin iyo in kale.  Waxaan qormadaan ugu kuurgelayna xaaladda jubbooyinka ka tagan.  Yaa dhisay Jubbaland?  Jubbaland waa magaca siyasaded ee haatan dad badan u yaqaanan Gobalada Gedo & labada Jubbo, magacbixinta iyo dhismaha maamul goboleedkani; marna ma ahayn mid lagu heshiiyay. Wuxuu ku dhashay kuna hana qaaday kedis uu gadaal-socday culeys iyo faragelin shisheeye.  Si kooban maamulkani aya  sidii roobala-dhaca mar qura dhashay kadib soo gellitaankii ciidamada XD-Kenya oo dabayaqaadii 2011 kii soo galay qeyba badan oo kamid ah deeganada jubbooyink...